‏إظهار الرسائل ذات التسميات القسم العام. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات القسم العام. إظهار كافة الرسائل

الاثنين، 10 أكتوبر 2022

الإمام الفائض عن الحاجة أو: السيرة والترقيع

د. مروان الغفوري 

"علي" حكاية فائضة عن الحاجة. علي الحقيقي شخص هامشي في الحرب والسلم والثقافة، أما علي الأسطوري، النسخة الوهمية من الرجل، فقد ملأ الدنيا ضجيجا. كل حكاية عن علي هي قصة خرافة، والخرافة يراد لها أن تملأ فراغا، ولكن ليس داخل التاريخ العربي- الإسلامي حيث ملأت الكتب النهر، وكان رحالة مسلم يتنقل بمكتبة من ١١٧ ألف كتاب على ظهور الجمال!


سيحاول علي شريعتي في "محن علي الثلاث" أن يشرح معنى استحقاق علي لدرجة إمام: إنه النموذج الأعلى الذي كانت البشرية على طول تاريخها تشعر بالحاجة إليه. سرعان ما سيناقض نفسه ويقدم دليلا عمليا على أن العرب استغنت عن "الإمام"، ولم تجد من حاجة إليه. شريعتي، المستنير، سيقول إن عليا ربط نفسه بالسلاسل (مجازا) ولزم منزله ربع قرن تاركا حقه في قبضة مغتصبيه كي لا يفتن أمة محمد. يتجاهل شريعتي حقيقة ما جرى للأمة العربية وعلي مكبل في السلاسل بين نسائه وجواريه: وضع العرب أقدامهم على ثلث العالم القديم. وعندما فك سلاسله وخرج من منزله قاتل العرب بعضهم بعضا. في الكتاب نفسه سيعترف شريعتي: كانت محنة علي أن العرب لا ترى له ذلك الحق. أن يفهم العرب الإسلام على ذلك النحو، بوصفه تحريرا ومساواة وإيمان بلا قيود، لهي فضيلة تاريخية للآباء المؤسسين للحضارة العربية، وقفزة عالية إلى الأمام تجعل من فهم علي للإسلام، مقارنة برؤيتهم، رجعية و"شركا". 

النهاية المأساوية لعلي في الكوفة، ٤٠ هجرية، دفعت الناس للتعاطف معه وذويه، فانضم إلى ترسانته الدعائية التي أسسها في الكوفة (دار ضرب الحديث، كما يسميها مالك) حشد جديد من أمصار عدة، سيملؤون كتب المغازي والسير بخرافات البطل والفقيه والفدائي. سيستمر تزوير التاريخ وسيفاجئنا الشيخ جعفر العاملي في القرن الواحد والعشرين بمؤلف من ٥٣ جزءا بعنوان "الصحيح من سيرة الإمام علي"! تتوالد الأكذوبة الأعظم في التاريخ وتستقل بنفسها كدين متكامل (نبي، رسالة، شهادة، فداء، كتاب، أتباع، ومنهاج)، وستعززها النهاية التراجيدية للحسين في كربلاء، وهكذا ستتوفر للدين الجديد عناصره الجوهرية وفي مقدمتها الفداء والاستشهاد، كما يذهب جورج طرابيشي في تعليقه على "موسى والتوحيد" لفرويد. 

غير أن هذا الدين المنشق سيبتلع الأديان كلها، وليس الإسلام وحسب، وسيصبح نهاية للتاريخ (راجعوا مؤلفات الكليني، المجلسي، العاملي). رغم حجمها الضخم إلا أن الخرافة، التي ابتلعت كل شيء، عجزت عن أن تكون مكتفية بذاتها كدين، وأصرت على التحليق داخل أجواء الإسلام لتخوض معه صراعا مستداما على مستوى الأصول التأسيسية والبنية الفلسفية.

 بقي علي، لا التشيع، يمثل أحد أهم الاختراقات المدمرة للخطاب الأخلاقي والعقلي للإسلام، تحديدا على صعيد العدل والمساواة وحرية الفرد، وكان "دين علي" قد برز مبكرا على مستوى الاصطلاح منذ القرن الأول الهجري، كما يلاحظ أمير معزي المتخصص في تاريخ التشيع. 

لسنا بصدد نقاش التشيع كعقيدة، بل لنتحدث عن قصة زائفة في التاريخ العربي اسمها: علي كرم الله وجهه. ولأنها كذلك فقد استدعى الأمر إسنادها بكل ذلك النتاج الضخم من الحكايا التي تفتقر إلى أبسط مفاهيم الرواية والدراية، أي لما هو علم في مقاييس ذلك الزمن. 

طرحت علينا كتب المدرسة، في طفولتنا، هذا السؤال: لماذا لم يلتق علي وخالد في معركة؟ ولقنتنا الإجابة:لأنهما لو التقيا لقتل علي خالدا، ولكن الله كان يدخر خالدا لما هو أعظم. 

ولا ندري، حتى الآن، لماذا أدخر الله خالدا ولم يدخر عليا!

لنعد إلى لحظتين في مدينة النبي، ولنأخذ صورتين جويتين لها. الأولى: استقبال المدينة لخبر وفاة خالد بن الوليد في الشام (٢١ هجرية). تصدم المدينة، ويعلو نواح النسوة ويهرعن إلى الشوارع، ويخبر عمر، خصمه منذ الطفولة، بذلك فيقول "ما عليهن أن يرقن دموعهن على أبي سليمان" (البخاري، التاريخ الكبير) . لتكتمل الصورة سنذهب إلى البداية والنهاية (ج. ١٠) لنسمع وصفا موجزا وعبقريا لذلك المحارب العربي القديم: لم يقهر في جاهلية ولا إسلام. هكذا يكثف مؤرخ جسور سيرة رجل غني عن الخرافة والتضليل. يمكننا وضع حدود الحقيقة والخرافة على هذا النحو: يقود خالد زهاء مائة معركة، ويصنع علي لنفسه مجدا من صراعه مع بطل وهمي في ظلام ليلة الخندق! 

الصورة الثانية: مقتل علي. تتلقى المدينة النبأ بتوجس، لا نساء في الشوارع، لا نواح، ولا إحساس بالفقد. فالرجل الذي سلب المدينة مركزها، وذهب مع المرتزقة وقطاع الطرق ليساكنهم على تخوم خراسان كان بالنسبة لمدينة الرسول قد مات منذ زمن. سيحدث شيء رهيب بعد زهاء عشرة أعوام، وستخرج المدينة على بكرة أبيها في جنازة الحسن بن علي، ذلك الذي ترك أحلام أبيه في العراق وعاد إلى المدينة تائبا ومهزوما. عن تلك الجنازة المهيبة، جنازة الإبن التائب، سيروي سبط الجوزي في مرآة الزمان/ج٧ (لو طرحت إبرة من السماء ما وقعت إلا على رأس إنسان).

كل قصة عن علي هي قصة خرافة، وقد برزت أعظم الخرافات في حياته وتحت سمعه وبصره. تحدثنا سابقا عن عزلة الرجل منذ أن قرر أن يبني ملكه على أكتاف قطاع الطرق، ويستخدم حتى النصارى في قتال عائشة، كما يدون اليعقوبي في تاريخه (من مؤرخي القرن الثالث الهجري). يمكن فهم خرافة علي بوصفها استراتيجية وجودية بالنسبة للرجل، ومحاولة لخلق فضاء قوة ناعمة خارج حدود مملكته في العراق. فضلا عن رغبة الرجل في تشكيل درع واق ضد المثقفين والشعراء الذين أمسكوا بتلابيبه ورفضوا شرعيته المبنية على الصدمة والرعب. لنستمع إلى واحدة من أهم شاعرات القرن الأول الهجري، ليلى الأخيلية. فبعد أن توجعت لمقتل الحاكم راحت تخاطب معاوية قائلة:
فانهض معاوي نهضة، تشفي بها الداء الدفينا.
 أنت الذي من بعده، ندعو أمير المؤمنينا. 

ويساهم حسان بن ثابت، بما له من وزن أخلاقي وفني، في مساءلة علي، يقول:
فقد رضينا بأهل الشام نافرة،
 وبالأمير وبالإخوان إخوانا
يا ليت شعري، وليت الطير تخبرني، 
ما كان شأن علي وابن عفانا!

واجه الشعراء، وهم القوة الضاربة آنذاك، عليا بقصائدهم التي تكيل المديح للخليفة الراحل وتشير ضمنا أو علانية إلى القاتل. كما ساهمت النساء المثقفات في ذلك الموقف الاحتجاجي الواسع. سيتذكر علي جيدا، وهو تائه في الكوفة بين المرتزقة وقطاع الطرق، موقف إنتلجنسيا المدينة ومكة، وسيرد على طريقته (ضرب الحديث وتأليف القصص). لنسم بعض شعراء تلك الطبقة الثقافية ممن اقتربوا شعريا من الحدث الرهيب، اغتيال الحاكم: كعب بن مالك، زينب بنت العوام، أيمن بن خزيمة، الوليد بن عقبة، أيمن بن فاتك الأسدي، وآخرون (الكامل في التاريخ، تاريخ الأمم والملوك، البداية والنهاية).
كما يرتجز الوليد بن عقبه قصيدته الشهيرة، وسيقول فيها:
 بني هاشم كيف التعاقد بيننا، 
وعند علي سيفه وجرائبه.

سيتهم عليا بسلب عثمان بن عفان، بالمعنى المجازي والعملي، ويقول مخاطبا بني هاشم:
 سواء علينا قاتلوه وسالبه!

والوليد بن عقبة هذا هو أخ الخليفة عثمان لأمه، وكان واليه على الكوفة. وهو هنا يتهم بني هاشم بتدبير مقتل أخيه، ليصلوا إلى الحكم:
همو قتلوه كي يكونوا مكانه
كما غدرت يوما بكسرى مرازبه!

 الحقيقة أن تلك الأرجوزات والقصائد لم تجد من يردها نثرا ولا قافية، لا من الطالبيين ولا سواهم، وبقيت شهادة حية لها الكلمة العليا حول ما جرى. كما لو أنها قد وافقت انطباعا عاما عن دور (مفترض أو حقيقي) لعلي في الإطاحة بالنظام وقتل رأسه.

 هكذا ستأتي قرارات علي لتقول الشيء الكثير، فهو لم يتلكأ عن محاكمة قتلة عثمان وحسب، بل صاروا جيشه الضارب، جيشه الوحيد. سرعان ما أطاح بكل ولاة عثمان من البلدان، من مصر إلى اليمن، كأنه كان يهيل تراب التهمة على رأسه ويؤكدها. لقد عمل على تصفية نظام سلفه قبل أن تجف دماؤه. وكما سيفعل مع كل قتلاه (سنأتي على اغتيال الأشتر فيما بعد) فإن عليا سيبكي عثمان وسيبشر قاتليه بالنار. استفاد علي من مقتل كل خصومه، وفي كل مرة كان يخرج رابحا وأخلاقيا، يؤكد مملكته ويبشر قتلة أعدائه بالنار! كانوا يذهبون إلى النار ويربح هو الدنيا والآخرة. تلك السيرة، بحذافيرها، سيستكملها أحفاده داخل تلك المنظومة الأخلاقية المتفردة التي سنسميها: علي كرم الله وجهه.

لنعد إلى أولى قرارات علي بن طالب: تعيين بني هاشم ولاة على اليمن، الحجاز، والعراق. كما سيقيل والي عثمان على مصر وينصب ربيبه وابن زوجته محمد بن أبي بكر، الرجل الذي اقتحم دار عثمان وطعنه في عنقه (مؤرخون يخفضون درجة جريمته إلى جر الخليفة من لحيته وهو يقتل). أقدم علي على تلك القرارات قبل أن يستقر له من أمر الدولة شيء.

 كانت رؤيته للدولة أنها مؤسسة هاشمية، كما سنعرف، وكان ذلك مبلغه من فهم الإسلام، أو رؤيته "النيبوتية Nepotism" للحكم: عائلية السلطة من أجل نظام مستقر ومستدام. أو كما سيقول مصطفى ناجي، الكاتب اليمني: يرون الإسلام على هيئة شركة لها مؤسسون لا يمكن المساس بحقوقهم، وعلي هو المؤسس الثاني. 

 تلك القرارات الخطرة، عائلية الدولة الجديدة، اتخذت دون مشاورة مع المتمردين (الثوار) بقيادة الأشتر. كان الأشتر يرى إن إنجازه المتمثل في تصفية عثمان ونظامه يستوجب اقتسام السلطة مع علي، أي بين الفارس والمفكر، فلولاه لما وصل الأول إلى مبتغاه. غضب الأشتر، وهو يرى الهاشميين يتسيدون البلدان، واحتج أمام رجاله قائلا "علام قتلنا الشيخ إذن" يقصد عثمان ( بحار الأنوار، ج. ٤٢). بلغت مقولته عليا فاستدعاه، وراح يلاطفه قائلا إنما وليت أبناء العباس لا أولادي، فقد سمعته يطلب الإمارة من رسول الله مرارا! 
 كان علي، الجائع إلى السلطة، يدرك ورطته المتعاظمة. لقد تفرق عنه الناس (ابن تيمية، منهاج السنة، ج. ٤) وصار منقسما بين عائلته الظامئة إلى النفوذ والثروة وبين الثوار الذين يرون لهم حقا أصيلا في بنية الدولة الجديدة. بين خوفه من حلفائه واستسلامه لطموحات أهله صار "رجل بلا رأي"، كما يصفه قيس بن سعد عامله على مصر (ابن الجوزي، المنتظم في تاريخ الملوك والأمم).

 في نهج البلاغة ستختلق قصة عن عدالة الرجل: أحمى حديدة وأوجع بها شقيقه "عقيل" حين طلب منه نفوذا وسلطانا، معلما إياه درسا حول نزاهة الحاكم! ولا ندري لماذا تلقى عقيل لوحده الدرس بينما ذهب باقي أسرته ليحكموا البلاد من اليمن إلى العراق، باعتراف نهج البلاغة نفسه. إن ترقيع سيرة الرجل مهمة أصعب من خلق تلك السيرة، والمهمتان فشلتا في غمر الحقيقة بالماء إلى الأبد، إذ سرعان مما تتصادمان وتبينان تفاهتهما: السيرة والترقيع. 

لنذهب بعيدا، إلى العام ٣٧ للهجرة: يحمل الأشتر رسالة من علي إلى أهل مصر يكلب منهم الامتثال لواليه (الذي لا يخاف). لا ندري لماذا أشار علي إلى تلك الميزة في مبعوثه في حين كان بمقدوره أن يحدثهم عن العدل والنظام. ربما كان يفصح عن مخاوفه التي لا تبارحه حين يفكر بالرجل. وبجوار تلك الرسالة حمل خطابا سيطلق عليه "عهد علي إلى ابن الأشتر".

شيئا آخر قاله في رسالته: إن مالك ابن الأشتر لي كما كنت أنا لرسول الله. هذا التعالق بين علي والأشتر، رغم اعتراف الأخير بقتل عثمان، يقول أكثر مما نريد قوله. كان الرجلان رفيقي سلاح وسيلاحظ الأشتر إصرار علي على احتكار الدولة في ذويه، ويشاهد بأم عينه كيف أرسل علي غلاما حدثا لا يتجاوز السادسة والعشرين (ربيبه محمد بن أبي بكر) ليجعله واليا على مصر. تؤكد مصادر تاريخية عديدة أن الرجلين ضاقا ذرعا ببعضهما، وأن عليا أسر إلى قريبين منه أنه يتخوف من الرجل ومن معه. كان قد عبر عن ذلك الخوف أمام الوسطاء في المدينة قبل خروجه إلى العراق، قال إنهم قبائل وعسكر وأن لهم مددا وأعوان (البداية والنهاية، ج. ١٠). يبادله الأشتر الريبة نفسها، وقد لاحظ أن عليا ينأى عنه ويخلق لنفسه منعة (جدارا هاشميا). تذاكي علي أمام الوسطاء، قبله هجرته إلى العراق، وتكراره القول إنه سيعاقب المتمردين حين تستتب له الأمور لم يغب عن ذاكرة الأشتر وربعه. تتصاعد حرب باردة بين الرجلين ويقرر علي فجأة منح الأشتر حكم مصر. سيقال إن أهل مصر تململوا من حكم ابن أبي بكر بسبب طيشه وقلة خبرته، وسيكون ذلك التبرير مقنعا للأشتر الذي توجس أول الأمر. كان يفكر كقاطع طريق، وهو يعرف حيل الحلفاء ومكرهم. أما علي فيسر إلى مقربين منه أنه أراد أن يبدد شمل المتمردين في الأمصار كي يستخلص الدولة لنفسه وذويه، وأن يعيد صياغتها (هوشمتها) من الداخل بلا ضغط. يمسك ابن الأشتر بالعهد، خمس صفحات من الوصايا، رطانة لغوية ينتمي كودها اللغوي إلى القرن الخامس الهجري. أريد للنص أن يكون فتحا علويا في السياسة والأخلاق، يعادل في حمولته السياسية والأخلاقية خرافة أخرى اسمها المبيت في فراش النبي ليلة الهجرة (وسنأتي على هذه الحكاية فيما بعد).

ذلك العهد المهيب، الذي ارتقى ليكون "أخ القرآن"، لا وجود له في كل كتب السير، بالإجماع، ويظهر لأول مرة في كتاب ألفه الشريف الرضي سنة ٤٠٠ للهجرة، أي بعد مقتل علي بثلاثة قرون ونصف!

 ليس للنص أي إسناد، منقطع كليا عن تاريخه. الأمر لا ينتهي هنا، فثمة أصل وحيد لذلك النص الذي يساق علي من خلاله بوصفه السياسي الأكثر حكمة في التاريخ. ففي كتاب السير والملوك للطبري، الجزء ١١، نجد العهد الذي كتبه والي خراسان طاهر حسين (عميد الطاهرية) إلى ابنه عبدالله حين ولاه المأمون على الرقة وما حولها مطلع القرن الثالث الهجري. كان طاهر حسين رجلا حكيما ومثقفا سياسيا، كتب رؤيته الأخلاقية والسياسية في "عهد" من عشرين صفحة، وهو من أفضل ما كتبه العرب في مسائل الإدارة والدولة. وفيما يبدو فقد سطى الشريف الرضي (وهو ابن نقيب الطالبيين ببغداد) على النص وراح يحاكيها في رطانة لغوية يكشف كودها اللغوي والدلالي عن زمن كتابتها. نص طويل، من رجل شهير له مريدوه، إلى قائد شهير له مشايعوه، يختفي لأربعة قرون! ليس ذلك العهد وحسب بل ٢٤١ خطبة لعلي، ومواعظ ورسائل عديدة، كل ذلك الحشد من النصوص يتخلق فجأة من العدم دفعة واحدة مطلع القرن الخامس. لنستمع إلى الذهبي ليخبرنا عن نهج البلاغة، كتاب علي وحكمته وفلسفته: كتاب مكذوب. أما ابن تيمية فيتحدى أن يأتيه أحد بمصدر واحد لتلك النصوص في كل مؤلفات المؤرخين والمحدثين (عدا السرقات المباشرة- وفقا لابن تيمية- من البيان والتبيين للجاحظ). 

لنعد إلى ابن الأشتر ونتتبعه في طريقه إلى مصر: 

 كأن العهد الذي اخترعه الشريف الرضي، ناسبا إياه إلى علي، محاولة متأخرة من مثقف هاشمي لصرف الأنظار عن السياق التاريخي الذي أحاط بموت الأشتر.

 كان علي يدرك أنه يتعامل مع محارب قاد الاضطرابات من العراق حتى الحجاز، معه مدد وأعوان، وقد صنعت له الجمل وصفين صورة البطل الذي لا يقهر، والعبقري الذي شق جيش معاوية وكاد يفتك به لولا الخديعة. تلك الصورة اللامعة، فضلا عن موهبة خطابية ولغوية (الذهبي، سير أعلام النبلاء)، جعلت الأشتر بديلا محتملا لحاكم في الستين من عمره تصفه كتب السير بالبدين، الأصلع كالطاسة، ناتئ الجبهة، عظيم البطن، الأعمش، قليل الأسنان، وثقيل الحركة. 

وقبل أن يتوغل في أراضي مصر يفقد الأشتر حياته في ظروف غامضة، وتقيد العملية ضد مجهول. سيقال إنه أكل عسلا واختنق، وستحيل بعض المرويات موته إلى معاوية، وأخرى إلى غلام لعثمان. وسنقرأ عند الطبري في تاريخه عن عملاء دفعهم معاوية لاغتيال الرجل قبل أن يصل مصر. كل تلك الروايات لا تستقيم داخل سياق تاريخي معقول، فكيف يعلم معاوية بتولية الأشتر، ويتتبع طريقه حتى حدود مصر، ويتمكن من اختراق موكبه واغتياله. لنأخذ كل هذا الهراء التاريخي داخل صورة ذلك الزمان: أمصار متباعدة، لا وسائل اتصال، وأجواء حرب وشك. 

 يموت خصم جديد لعلي، أو يقتل، فيبكي فراقه قائلا "لا يرتقيه الحافر، ولا يوفي عليه الطائر" (نهج البلاغة). حدث قبل ذلك أن بشر قاتل الزبير بالنار، وتلك سابقة في الإسلام أن يدفع القائد جنوده للقتال ثم يبشرهم بالجحيم. كان علي يفعل الشيء ونقيضه، ويستعين بترزية أحاديث وقصاصين جعلوه متساميا فوق البشر، حتى إن ابن كثير وهو يسرد مقتل عثمان ختم القصة قائلا "وكان قدرا مقدورا" لئلا ينزلق إلى تساؤلات حول دور علي قد تضعه في درجة المنافق "لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق"، قال علي عن نفسه. وهو تحوير مذهل لوصف قاله النبي في الأنصار، كما في صحيح مسلم. 

 بعد عام سيفتك علي بالآلاف من رجاله السابقين في معركة النهروان ممن اعترضوا على إدارته العسكرية والسياسية، ورأوا أن قدراته الفقهية أقل من أن تكون موضع احترام. سيسميهم الخوارج، وسيحتمي بالقدرة المعرفية لابن عباس، الذي سيدير الجدل معهم بينما سيلزم الحاكم منزله كعادته، في انتظار ما تجود به قدرة ابن العم. سيندفع رجاله، كالعادة، لتفصيل أحاديث تنال من خصومه بالصفة، وأحيانا بالاسم، حتى ليقال إنهم مرقوا من الدين كما يمرق السهم من الرمية. 

ومن المثير، كما بينا سابقا، أن ابنه الحسن سيرسل إلى أولئك المارقين يدعوهم للقتال إلى جواره، وبعد نقاش سيوافقون ويلتحقون بجيش "الحسن المجتبى".

 على أن تلك اللعبة، لعبة الإرهاب والدين والخديعة، قضت في نهاية الأمر على أول دولة علوية في التاريخ.

لا يمكن محو اليمني

د. مروان الغفوري

منتصف نوڤمبر القادم سيبلغ سكان الأرض ٨ مليار!  ومع نهاية القرن الحالي سيكون ثلث العالم من السود (تقرير أممي). شكل الطاقة آخذ في التغير، السوق انتقل شرقا، وفي طريقه الآن إلى إعادة توزيع نفسه أفقيا مع بروز قوى جديدة.

خلال أقل من خمس سنوات ستتجاوز الهند الصين بالنسبة لعدد السكان، وستخلق الواقعية الديموغرافية الجديدة واقعا جيوسياسيا جديدا (الهند أمة ديموقراطية، بخلاف الصين). كورونا وأوكرانيا أحدثتا تغييرا جوهريا في نظرنا للعولمة، وفي الفكرة نفسها.

 الازدحام الرهيب في العالم، سباق التسلح الجديد، وانشطار العالم من جديد إلى معسكرين ديموقراطي وأوتوقراطي، كما يبشر بايدن، جاء على حساب العولمة والحداثة. داخل هذه التبدلات بدا الشر الإيراني أقل من تصور الرجل الأبيض السابق عنه، ما يطرح احتمالا برفع الحصار عن إيران وتركها تركض وراء مشروعها الرسولي. العالم الإيراني يحيط بالسعودية من كل جانب، وحين تصبح تلك الدولة ذات أهمية أقل بالنسبة لسوق الطاقة فإن ابتلاعها من قبل عالم إيران سيكون ممكنا ومتفهما.

 في العام ١٨٠٢ عاد السعوديون، في التأسيس الثاني، بحمولة خمسة آلاف بعير من كنوز حوزات جنوب العراق. وقد يستدير التاريخ وتخرج الجمال، وئيدة، من الحجاز إلى عالم إيران شمالا وجنوبا وشرقا.

الغطرسة السعودية - الإماراتية لا تأخذ التاريخ في الحسبان، ولا حتى المستقبل. في مسرحية "جبال الصوان" للرحابنة يسيطر الطاغية على الجبل ويقتل حاكمه، ثم يفرض سلطانه الرهيب معتقدا أن هيمنته على الجبل صارت أبدية. السلاح لوحده لا يكفي ما دام أهل الجبل يعتقدون أنه يخصهم، إيمانهم جعلهم دائما في انتظار المخلص. كانوا يغنون، ليتذكروا وليبقوا حزنهم حيا وحقدهم مزدهرا:

 

مين ما كان بيتمرجل علينا

مين ما كان بيتنمرد علينا

بدنا نعرف شو سوينا؟

 

بعد عقد من الزمن تخرج ابنة شيخ الجبل القتيل، فيروز. تغني وتأخذ الناس خلف ندائها وأغانيها، وتواجه المحتل المدجج بالبارود. تقتل في المكان الذي قتل فيه والدها، فيكون دمها على دم أبيها النار التي دحرت المحتل وأخرجته من الأرض.

كل شيء آيل للتبدل، ولا يمكنك أن تلغي التاريخ بشاص في عدن، أو تزيفه بشاصين في صنعاء. اليمن بلاد تخص أجدادنا، ورثناها منهم، وستعود لأبنائنا ما داموا يعتقدون أنها لهم، مهما "تمرجل" عليهم مين ما كان. فقد تأتي فتاة بعد سنين تغني، فقط تغني وتخلق ثورة، وتخلق تحريرا، وتعيد الجبل لأهل الجبل

لا بد للصورة أن تكتمل: التشطير، الإمامة، المنفى، وتلاشي الجمهورية اليمنية بصورة نهائية. علقنا في أنصاف الحقائق، الحقيقة الكاملة هي باب الخروج، وهي وقود الغد ونهره

لسنا أول أمة تفككت. فبعد حرب الثلاثين عاما تشظت ألمانيا إلى ٣٠٠ دولة. شيء واحد بقي في مكانه، لم يستطع التاريخ محوه ولا إخراجه من المعادلة: الألماني.

لتحتل إيران شمالنا، ولتنصب عليا حاكما (أخيرا كسب معركة بعد ١٤ قرنا من التيه).

 وليحكم  الخليجيون جنوبنا، ليمضوا في مشروعهم فالطريق سالك. 

انتهى الحاضر، وجاء الدور على التاريخ.

وكما تعلمنا من تاريخ أمم وشعوب أخرى:

يمكن إخضاع اليمن، هزيمتها، تفكيكها، تغيير ملامحها، ضغطها، إسدال الستار عليها. ولا يمكن محو اليمني، لا كمعنى ولا كفاعل فرد داخل التاريخ.  اليمني ليس صفة بل تاريخا، واليمن ليست شأنا في السياسة بل دالة في التاريخ. لا يمكنك محوها إلا باقتلاع التاريخ نفسه ومحو كتبه.

إمبراطوريات كثيرة جرت عليها الأيام فأبلغت مستعمراتها بالحقيقة المرة: تدبروا أمركم، وسنتدبر أمرنا. وكر التاريخ، وخرج المهزومون من القبو.

 فقبل ٤٠ سنة وقف أزعر في عدن وألقى خطابا فوق سفينة "سوڤيتية" قائلا إن بلاده جزء.من تلك الإمبراطورية التي لا تعرف الهزيمة. لم يعطه التاريخ سوى أعوام قليلة حتى صار هو وروسيا والسفينة جزء من الماضي.

كل شيء قابل للتبدل، وبأسرع مما نظن.

فلنسحب كرسيا، ولنشاهد.

نخبكم يا الربع.

على طريقة أبي جعفر المنصور

على طريقة أبي جعفر المنصور مع أبي مسلم الخرساني: من المحتمل أن عليا قد اغتال الأشتر!

لنذهب بعيدا، إلى العام 37/38 للهجرة: يحمل الأشتر رسالة من علي إلى أهل مصر يطلب منهم الامتثال لواليه (الذي لا يخاف). لا ندري لماذا أشار علي إلى تلك الميزة في مبعوثه في حين كان بمقدوره أن يحدثهم عن العدل والنظام. ربما كان يفصح عن مخاوفه التي لا تبارحه حين يفكر بالرجل. وبجوار تلك الرسالة حمل خطابا سيطلق عليه "عهد علي إلى مالك الأشتر".

شيئا آخر قاله في رسالته: إن مالك الأشتر لي كما كنت أنا لرسول الله. هذا التعالق بين علي والأشتر، رغم اعتراف الأخير بقتل عثمان، يقول أكثر مما نريد قوله. كان الرجلان رفيقي سلاح وسيلاحظ الأشتر إصرار علي على احتكار الدولة في ذويه، ويشاهد بأم عينه كيف أرسل علي غلاما حدثا لا يتجاوز السادسة والعشرين (ربيبه محمد بن أبي بكر) ليجعله واليا على مصر. تؤكد مصادر تاريخية عديدة أن الرجلين ضاقا ذرعا ببعضهما، وأن عليا أسر إلى قريبين منه أنه يتخوف من الرجل ومن معه. كان قد عبر عن ذلك الخوف أمام الوسطاء في المدينة قبل خروجه إلى العراق، قال إنهم قبائل وعسكر وأن لهم مددا وأعوان (البداية والنهاية، ج. ١٠). يبادله الأشتر الريبة نفسها، وقد لاحظ أن عليا ينأى عنه ويخلق لنفسه منعة (جدارا هاشميا). تذاكي علي أمام الوسطاء، قبل هجرته إلى العراق، وتكراره القول إنه سيعاقب المتمردين حين تستتب له الأمور لم يغب عن ذاكرة الأشتر وربعه. تتصاعد حرب باردة بين الرجلين ويقرر علي فجأة منح الأشتر حكم مصر. سيقال إن أهل مصر تململوا من حكم ابن أبي بكر بسبب طيشه وقلة خبرته، وسيكون ذلك التبرير مقنعا للأشتر الذي توجس أول الأمر. كان يفكر كقاطع طريق، وهو يعرف حيل الحلفاء ومكرهم. أما علي فيسر إلى مقربين منه أنه أراد أن يبدد شمل المتمردين في الأمصار كي يستخلص الدولة لنفسه وذويه، وأن يعيد صياغتها (هوشمتها) من الداخل بلا ضغط. 

عهد علي إلى الأشتر: خمس صفحات من الوصايا، رطانة لغوية ينتمي كودها اللغوي إلى القرن الخامس الهجري. أريد للنص أن يكون فتحا علويا في السياسة والأخلاق، يعادل في حمولته السياسية والأخلاقية خرافة أخرى اسمها المبيت في فراش النبي ليلة الهجرة (وسنأتي على هذه الحكاية فيما بعد).

ذلك العهد المهيب، الذي ارتقى ليكون "أخ القرآن"، لا وجود له في كل كتب السير، بالإجماع، ويظهر لأول مرة في كتاب ألفه الشريف الرضي سنة ٤٠٠ للهجرة، أي بعد مقتل علي بثلاثة قرون ونصف!

 ليس للنص أي إسناد، منقطع كليا عن تاريخه. الأمر لا ينتهي هنا، فثمة أصل وحيد لذلك النص الذي يساق علي من خلاله بوصفه السياسي الأكثر حكمة في التاريخ. ففي كتاب السير والملوك للطبري، الجزء ١١، نجد العهد الذي كتبه والي خراسان طاهر حسين (عميد الطاهرية) إلى ابنه عبدالله حين ولاه المأمون على الرقة وما حولها مطلع القرن الثالث الهجري. كان طاهر حسين رجلا حكيما ومثقفا سياسيا، كتب رؤيته الأخلاقية والسياسية في "عهد" من عشرين صفحة، وهو من أفضل ما كتبه العرب في مسائل الإدارة والدولة. وفيما يبدو فقد سطا الشريف الرضي (وهو ابن نقيب الطالبيين ببغداد، وتلك ليست مصادفة) على النص وراح يحاكيها في رطانة لغوية يكشف كودها اللغوي والدلالي عن زمن كتابتها. نص طويل، من رجل شهير له مريدوه، إلى قائد شهير له مشايعوه، يختفي لأربعة قرون! ليس ذلك العهد وحسب بل ٢٤١ خطبة لعلي، ومواعظ ورسائل عديدة، كل ذلك الحشد من النصوص يتخلق فجأة من العدم دفعة واحدة مطلع القرن الخامس. لنستمع إلى الذهبي ليخبرنا عن نهج البلاغة، كتاب علي وحكمته وفلسفته: كتاب مكذوب. أما ابن تيمية فيتحدى أن يأتيه أحد بمصدر واحد لتلك النصوص في كل مؤلفات المؤرخين والمحدثين (عدا السرقات المباشرة- وفقا لابن تيمية- من البيان والتبيين للجاحظ). 

لنعد إلى الأشتر ونتتبعه في طريقه إلى مصر: 

 كأن العهد الذي اخترعه الشريف الرضي، ناسبا إياه إلى علي، محاولة متأخرة من مثقف هاشمي لصرف الأنظار عن السياق التاريخي الذي أحاط بموت الأشتر.

 كان علي يدرك أنه يتعامل مع محارب قاد الاضطرابات من العراق حتى الحجاز، معه مدد وأعوان، وقد صنعت له الجمل وصفين صورة البطل الذي لا يقهر، والعبقري الذي شق جيش معاوية وكاد يفتك به لولا الخديعة. تلك الصورة اللامعة، فضلا عن موهبة خطابية ولغوية (الذهبي، سير أعلام النبلاء)، جعلت الأشتر بديلا محتملا لحاكم في الستين من عمره تصفه كتب السير بالبدين، الأصلع كالطاسة، ناتئ الجبهة، عظيم البطن، الأعمش، قليل الأسنان، وثقيل الحركة. 

وقبل أن يتوغل في أراضي مصر يفقد الأشتر حياته في ظروف غامضة، وتقيد العملية ضد مجهول. سيقال إنه أكل عسلا واختنق، وستحيل بعض المرويات موته إلى معاوية، وأخرى إلى غلام لعثمان. وسنقرأ عند الطبري في تاريخه عن عملاء دفعهم معاوية لاغتيال الرجل قبل أن يصل مصر. كل تلك الروايات لا تستقيم داخل سياق تاريخي معقول، فكيف يعلم معاوية بتولية الأشتر، ويتتبع طريقه حتى حدود مصر، ويتمكن من اختراق موكبه واغتياله. لنأخذ كل هذا الهراء التاريخي داخل صورة ذلك الزمان: أمصار متباعدة، لا وسائل اتصال، وأجواء حرب وشك. 

 يموت خصم جديد لعلي، أو يقتل، فيبكي فراقه قائلا "لا يرتقيه الحافر، ولا يوفي عليه الطائر" (نهج البلاغة). حدث قبل ذلك أن بشر قاتل الزبير بالنار، وتلك سابقة في الإسلام أن يدفع القائد جنوده للقتال ثم يبشرهم بالجحيم. كان علي يفعل الشيء ونقيضه، ويستعين بترزية أحاديث وقصاصين جعلوه متساميا فوق البشر، حتى إن ابن كثير وهو يسرد مقتل عثمان ختم القصة قائلا "وكان قدرا مقدورا" لئلا ينزلق إلى تساؤلات حول دور علي قد تضعه في درجة المنافق "لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق"، قال علي عن نفسه. وهو تحوير مذهل لوصف قاله النبي في الأنصار، كما في صحيح مسلم. 

 بعد عام سيفتك علي بالآلاف من رجاله السابقين في معركة النهروان ممن اعترضوا على إدارته العسكرية والسياسية، ورأوا أن قدراته الفقهية أقل من أن تكون موضع احترام. سيسميهم الخوارج، وسيحتمي بالقدرة المعرفية لابن عباس، الذي سيدير الجدل معهم بينما سيلزم الحاكم منزله كعادته، في انتظار ما تجود به قدرة ابن العم. سيندفع رجاله، كالعادة، لتفصيل أحاديث تنال من خصومه بالصفة، وأحيانا بالاسم، حتى ليقال إنهم مرقوا من الدين كما يمرق السهم من الرمية. 

ومن المثير، كما بينا سابقا، أن ابنه الحسن سيرسل إلى أولئك المارقين يدعوهم للقتال إلى جواره ضد جيش الشام، وبعد نقاش سيوافقون ويلتحقون بجيش "الحسن المجتبى". سرعان ما سيتخلون عنه بعد أن رأوا فرار قائده، ابن العباس، لمجرد سماعه طبول الحرب.

على أن تلك اللعبة، لعبة الإرهاب والدين والخديعة، قضت في نهاية الأمر على أول دولة علوية في التاريخ.


مروان الغفوري

الأحد، 1 مارس 2015

اليمن في التأريخ



اليمن الكبرى، أو اليمن التاريخية : هي تلك الأرض الواقعة جنوب/ جنوب شرق/ جنوب غرب الجزيرة العربية، تمتد من الطائف وتخوم مكة شمالاً، إلى عدن في أقصى الجنوب، إلى باب المندب غرباً، إلى مضيق هرمز شرقاً. وللإيجاز سنحاول توضيح بعض الأمور المهمة في تاريخ اليمن، الأمور التاريخية والأمور الدينية بشكل نقاط كما يلي :

اليمن سميت اليمن بهذا الاسم لعدة أسباب: وجد في الكتابات السبأية القديمة ذكر اليمن بلفظ (يمنات)، وكذلك لأنها بلاد اليُمن والبركة، أي بلاد الخير الكثير الذي لاينقطع، وأيضاً بلاد البركة لأنها اشتهرت بإنتاج جميع المواد التي تستخدم في الطقوس الدينية القديمة مثل البخور واللبان ... وغيرها قبل وبعد بناء الكعبة المشرفة، وأضيف سبب آخر هو وقوعها يمين الكعبة المشرفة.

ذكرت اليمن في الكثير من الكتب القديمة والتاريخية، منها التوراة، وكتب التاريخ الإغريقي، والروماني ...الخ ووصفت باليمن السعيد، و لم توصف أي أرض في الدنيا بهذا الوصف غيرها، لتمتعها بوفرة في المياه والخضرة ، ولطبيعتها الخلابة، ولأرضها الخصبة التي باركها الله ، ولأنها أرض لمعظم الأنبياء، وأنصار الأنبياء ، ولتعدد حضاراتها المهمة في تاريخ البشرية ، ولدورها وبيوتها وقصورها الفخمة، ولجسارة وقوة شعبها الذي صنع من الجبال قصوراً شامخاً، ومدرجات زراعية في قمم الجبال الشاهقة.
تعتبر اليمن - بحسب الكتب التاريخية المختلفة، وبحسب ما توصل له العلم مؤخراً – الموطن الأول للجنس البشري على الأرض، ونقطة التجمع والانطلاق الأولى للهجرات البشرية .

تعتبر اليمن أرض العرب الأولى ، والشعب اليمني هو أصل الجنس العربي، واليمنيون هم أول من تكلم باللسان العربي، فقبائل اليمن الشهيرة ( عاد، وثمود، وطسم، و جديس، وجرهم، والعمالقة، و أُميم .. وغيرها) هي قبائل العرب القديمة التي انتشرت في الجزيرة العربية، والعراق، والشام، ومصر، وشمال إفريقيا، والقرن الأفريقي ..وغيرها وظهر منها العرب العاربة قبائل قحطان والعرب ( المستعربة ) قبائل عدنان ، ومن يعتقد أن عدنان مستعرب فهو خاطئ لأن عدنان يعود إلى قبائل العرب القديمة التي قدمت من اليمن، لذلك فإن عدنان عربي يمني، وبالتالي فإن نبي الله إبراهيم عليه السلام عربي وليس أعجمي، وبالتالي فإن الرسول محمد عليه الصلاة والسلام عربياً وليس له أي أصل أعجمي ، بعكس ما قاله عدد من المؤرخين الذين نسبوا الرسول لنبي الله إبراهيم الذي وصفوه بالأعجمي.
• (
الفينيقيون) قوم هاجروا من أرض اليمن تجاه الشمال، وسكنوا في لبنان ونشأ منهم الشعب الشهير ( الفينيقيون) وأنشئوا الحضارة الفينيقية، وكذلك هاجرت قبائل اليمن إلى مصر وسكنت على ضفاف النيل وأنشأت ماسمي بالحضارة الفرعونية الغنية عن التعريف ، وهناك العديد من الكتابات والكتب التاريخية التي أوضحت أصول شعب مصر القديم وأنها بلا شك تعود إلى اليمن ومنها : الكتاب «جغرافية التوراة في جزيرة الفراعنة» للباحث في علم الآثار/ أحمد عيد، الذي قدم له الأستاذ الدكتور/ أحمد الصاوي عالم الآثار المصري والأستاذ بكلية الآثار جامعة القاهرة، وطبع لأول مرة في فبراير عام 1996م عن مركز المحروسة للبحوث والتدريب والنشر بالقاهرة ، حيث أعاد الكاتب أصل الفراعنة إلى قبيلة العماليق التي هاجرت من اليمن إلى الشام ومن ثم هاجر بعضهم إلى وادي النيل وسكنوا مصر ، وأشارت كتب أخرى أن الهجرة اليمنية لمصر مرت عبر الحبشة وليس الشام، وخلاصة ما نشر في هذا الموضوع أن لقب (فرعون) أصله باللغة العربية السبأية القديمة هو (فرعوم) وأن الهكسوس الذين حكموا مصر فترات طويلة قدموا كذلك من اليمن، وسموا الملوك الرعاة، وأن الحضارة المصرية لا تنفصل عن بيئتها المحيطة المكونة من مجموعة من القبائل اليمنية التي سكنت وادي النيل والصحراء الليبية الكبرى وشمال أفريقيا وموريتانيا .
قبيلة جرهم اليمنية الشهيرة هي أول من سكن بأرض مكة، وهي من آوت إليها نبي الله إسماعيل عليه السلام، وأمه هاجر ، و من نسلها جاءت قريش، وهم من بنا الكعبة مع أنبياء الله إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام، وتزوج نبي الله إسماعيل من بناتها ، ومن ذريتهما جاء نبي الله محمد عليه الصلاة والسلام، لذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أهل اليمن هم مني وأنا منهم ) وغيرها الكثير من الأقوال المأثورة عن الرسول التي يشير فيها إلى علاقته بأهل اليمن .

ذكرت اليمن في القرآن، وحملت سورتين من سور القرآن أسماء مناطق فيها (سبأ، الأحقاف ) سبأ امتدت من مأرب شمالاً إلى شبوة شرقاً، والأحقاف في حضرموت شرقاً، ووصف الله اليمن بأنها ( جنة، وبلدة طيبة ) ولم يطلق على أي أرض هذا الوصف في القرآن غير اليمن.

ملوك اليمن أول من لبس التيجان، ومن أشهر ملوكهم: الملكة بلقيس زوجة نبي الله سليمان التي ورد ذكرها في القرآن في سورة سبأ، و الملك الصعب بن ذي مرائد بن الحارث الرائش بن حمير بن سبأ الملقب بذي القرنين، لأن تاجه كان له طرفان كالقرنين، وهو الذي ذكر في سورة الكهف قي قصته مع قوم يأجوج ومأجوج ( كما جاء في ابن كثير والمقريزي وبن هشام والطبري .. وغيرهم الكثير ) والملك كرب أسعد أو أسعد الكامل هو أول من آمن بنبي الإسلام محمد عليه الصلاة والسلام من قبل أن يولد وهو أول من كسا الكعبة، وأمر ولاته بمكة من جرهم بكسائها كل عام، وأمرهم بتطهيرها وألا يقربوها دماً ، ولا ميتة ولا المحايض وجعل لها باباً ومفتاحاً، ويعتبر من أعظم ملوك اليمن، وقد قال عن نفسه في قصيدة شهيرة : قد دعتني نفسي لأن انطح الصين بخيلٍ أقودها من ظفار، ولنا فيلق صعب القياد عرندسُ ، ثمانون الفاً راكبا غير راجل، نلت بلاد المشرقين كلها، ونلت بلاد المغربين وبابلاً، ونلت بلاد السند والهند كلها وفي الصين صيدنا نق يباً وعاملاً . وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم عن الملك تُبع (لا تسبوا تُبعاً فإنه كان قد أسلم) .

ذكر القرآن العديد من القصص ، نالت أرض اليمن ورجال اليمن نصيباً كبيراً منها ، ومن تلك القصص : قصة أصحاب الجنة، قصة أصحاب الأخدود، إرم ذات العماد، قصة نبي الله سليمان عليه السلام وملكة سبأ، قصة السيل العرم، قصة ذو القرنين، قصة الفيل وأبرهه ومحاولة هدم الكعبة ... وغيرها .

يوجد في اليمن عدد من قبور الأنبياء الذي يعتقد عدد من الباحثين اليمنيين والعرب حقيقتها ومنهم عليهم السلام: الأنبياء نوح وأيوب وهود وصالح وشعيب.

سميت القارة الأفريقية بهذا الاسم نسبة إلى الملك اليمني الحميري: افريقس بن أبرهة بن حارث بن حمير بن سبأ، الذي غزا إفريقيا وصال وجال فيها وملك مناطق كبيرة منها .
اليمن وأهلها في القرآن والسنة الشريفة :
إن من منن الله الجزيلة وعطاياه العظيمة على أهل اليمن أن أكرمهم بفضائل ليست لغيرهم، وشرفهم الله تعالى بأن جعل قيام الدولة الإسلامية في أرضهم ( وذلك عندما قامت وتأسست في يثرب {المدينة المنورة} وعلى أيدي رجالها الأوس والخزرج القبائل اليمنية الشهيرة ( الأنصار ) .
لقد جاء في فضل اليمن وأهل اليمن آيات وأحاديث لم تجتمع لغيرهم. وظهرت من أهل اليمن معادن الرجال القوية في إيمانها، المخلصة في وجهتها، المتأسية في سيرها بالمصطفى صلى الله عليه وسلم.
فكان منهم الحكماء والعلماء والبلغاء، وكان منهم القادة والفاتحون والزعماء والإداريون والأبطال، وكان منهم الولاة، ونذكر فيما يلي شيئاً من فضائلهم الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.

فضائل اليمن وأهلها في القرآن الكريم:

*
اليمن بلدة طيبة:

-
قال الله سبحانه وتعالى: [لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آَيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ] {سبأ: 15}.

قال العلامة الفضيل الورتلاني رحمه الله في تفسير هذه الآية (بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ): "ومن ميزات كلام الله الخلود والإعجاز، وحظ التذكير لنا في هذه الآية أنه من ناحية الخلود يؤخذ أن طيبة هذا البلد أمر مستمر إلى يوم القيامة، ومن ناحية الإعجاز يؤخذ من كلمة (طَيِّبَةٌ): عدم قدرة أحد من الخلق أن يصفها بكلمة واحدة مثلها، مع شمولها لكل ما تنطوي عليه من خيرات نافعة" (1).
*
يحبهم ويحبونه:

قال الله سبحانه وتعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى المُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ] {المائدة: 54}.

ورد في سبب نزول هذه الآية عن عياض الأشعري رضي الله عنه قال: «لما نزلت هذه الآية [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى المُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ] {المائدة: 54} أومأ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي موسى الأشعري بشيء كان معه، فقال: هم قوم هذا» . أخرجه الحاكم (2/ 313)، وابن أبي شيبة في مسنده (12 /125)، وابن جرير في تفسيره (12193)، والطبراني في الكبير (17/371 )، وصححه الألباني في الصحيحة (3368).
قال الإمام الشوكاني رحمه الله: "إذا عرفت أن هذه الآية نازلة فيهم بهذه الأحاديث فاعلم أنها قد اشتملت على مناقب لأهل اليمن.

الأولى منها:

اختصاص أهل اليمن بهذه الميزة العظيمة؛ وهي أن الله سبحانه وتعالى يأتي بهم عند ارتداد غيرهم من قبائل العرب التي هي ساكنة في هذه الجزيرة على اختلاف أنواعها وتباين صفاتها، فإن ذلك لا يكون إلا لمزيد شرفهم، وأنهم حزب الله عند خروج غيرهم من هذا الدين.

المنقبة الثانية:

قوله عز وجل: (يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) فليس بعد هذه الكرامة والتشريف من الله سبحانه شيء، فإن من أحبه الله قد سعد سعادة لا يماثله سعد، وشرف شرفاً لا يقاس به شرف، وفاز فوزاً لا يعادله فوز، وأكرم كرامة لا تساويها كرامة.
المنقبة الثالثة:

قوله: (وَيُحِبُّونَهُ): وهذه كرامة جليلة، ومنقبة جميلة، فإن كون العبد الحقير محباً لربه -عز وجل- هي الغاية القصوى في الإيمان الذي هو سبب الفوز بالنعيم الدائم، وسبب النجاة من العذاب الأليم، ومن عظم محبة الله -عز وجل- ودلائل صحتها: اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله، والاقتداء به، والاهتداء بهديه الشريف.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "فقوله: «من اليمن» يبين مقصود الحديث؛ فإنه ليس لليمن اختصاص بصفات الله تعالى حتى يظن ذلك، ولكن منها جاء الذين يحبهم ويحبونه، الذين قال فيهم: [مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ] {المائدة: 54}.

وقد روي أنه لما نزلت هذه الآية؛ سئل عن هؤلاء؟ فذكر أنهم قوم أبي موسى الأشعري. وجاءت الأحاديث الصحيحة، مثل قوله: «أتاكم أهل اليمن، أرق قلوباً، وألين أفئدة، الإيمان يمان، والحكمة يمانية».

وهؤلاء هم الذين قاتلوا أهل الردة، وفتحوا الأمصار، فبهم نفس الرحمن عن المؤمنين الكربات". الفتاوى لابن تيمية (6/397- 398).

أي أنه كلما ضاق الأمر بالمسلمين يأتي أهل اليمن ليذودوا عن حياض المسلمين وينفسوا كرباتهم وينتصروا لله وللمسلمين.

قال الله عز وجل: [قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ..] {آل عمران: 31} فمن أحب الله واتبع رسوله صلى الله عليه وسلم؛ فاز بحب بالله -عز وجل- له، وبمحو ذنوبه وارتفاع درجته بين عباد الله المؤمنين.
المنقبة الرابعة:

قوله: (أَذِلَّةٍ عَلَى المُؤْمِنِينَ) {المائدة: 54} فإن الذلة لأهل الإيمان من أشرف خصال المؤمنين، وأعظم مناقبهم، وهو التواضع الذي يحمده الله -عز وجل-، ويرفع لصاحبه الدرجات، وفي ذلك الخلوص من معرة كثيرة من خصال الشر، التي من جملتها الكبر والعجب.
المنقبة الخامسة:

قوله -عز وجل-: (أَعِزَّةٍ عَلَى الكَافِرِينَ) {المائدة: 54} فإن ذلك هو أثر الصلابة في الدين والتشدد في القيام به، والكراهة لأعدائه، والغلظة على الخارجين عنه.

المنقبة السادسة: قوله سبحانه وتعالى: (يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ) {المائدة: 54} فإن الجهاد هو رأس الواجبات الشرعية، وبه يقوم عماد الدين، ويرتفع شأنه، وتتسع دائرة الإسلام، وتتقاصر جوانب الكفر، ويهدم أركانه.
المنقبة السابعة:

قوله -عز وجل-: (وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ) {المائدة: 54} وهذا هو شأن الإخلاص والقيام لله -عز وجل-، وعدم المبالاة بما يخالف الحق، ويباين الدين.
وجاء بالنكرة في سياق النفي، فيشمل كل لائمة تصدر من أي لائم كان، سواء كان جليلاً أو حقيراً، قريباً أو بعيداً.

وما أدل هذه المنقبة على قيامهم في كل أمر بمعروف أو نهي عن منكر، القيام الذي لا تطاوله الجبال، ولا تروعه الأهوال.

ولما جمع الله -عز وجل- لهم هذه المناقب في هذه الآية الشريفة نبههم على عظيم العطية، وجليل الإحسان فقال: (ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) {المائدة: 54}.

ففيه تلميح إلى أنه قد جمع لهم من فضله ما لم يتفضل به على غيرهم من عباده، وكأن ذلك كالجواب على من رام أن يحصل له ما حصل لهم من هذه المناقب العظيمة أو نافسهم فيها، أو حسدهم عليها".اهـ . باختصار يسير القول الحسن في فضائل أهل اليمن للشوكاني (صـ33- صـ40).

*
اليمانيون يدخلون في دين الله أفواجا:

قال الله -سبحانه وتعالى-: [إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالفَتْحُ(1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجًا(2) ] {النَّصر}.

ورد في سبب هذه السورة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: « لما نزلت: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالفَتْحُ)؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتاكم أهل اليمن هم أرق قلوباً، الإيمان يمان، والفقه يمان، والحكمة يمانية » صحيح: أخرجه عبد الرزاق في تفسيره (2/404)، وأحمد في المسند (7709) من طريق عبد الرزاق أيضاً، وصححه الألباني في الصحيحة (3369).

فضائل اليمن وأهلها في السنة النبوية المطهرة:
*
الإيمان يمان:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « أتاكم أهل اليمن، أرق أفئدة، وألين قلوباً، الإيمان يمان والحكمة يمانية، والفخر والخيلاء في أصحاب الإبل، والسكينة والوقار في أهل الغنم » متفق عليه رواه البخاري في صحيحه (4388)، ومسلم (52).

قال البغوي رحمه الله في شرح السنة (14/201، 202): "هذا ثناء على أهل اليمن لإسراعهم إلى الإيمان وحسن قبولهم إياه".

*
أهل اليمن يشربون من حوض النبي عليه الصلاة والسلام قبل غيرهم:
عن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إني لبعقر حوضي -أي: بمكان، وهو موقف الإبل من الحوض إذا وردته- أذود الناس لأهل اليمن، أضرب بعصاي حتى يرفض -أي: يسيل- عليهم. فسئل عن عرضه، فقال: من مقامي إلى عُمان، وسئل عن شرابه فقال: أشد بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل، يغت فيه ميزابان، يمدانه من الجنة، أحدهما من ذهب، والآخر من ورق» رواه مسلم (3301).

قال النووي رحمه الله: "هذه كرامة لأهل اليمن في تقديمهم في الشرب منه؛ مجازاة لهم بحسن صنيعهم، وتقدمهم في الإسلام، والأنصار من اليمن، فيدفع غيرهم حتى يشربوا كما دفعوا في الدنيا عن النبي صلى الله عليه وسلم أعداءه والمكروهات" شرح النووي على مسلم (15/62،63). عند شرحه لحديث رقم (3301).

*
اللهم أقبل بقلوبهم:

عن زيد بن ثابت رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم نظر قبل اليمن فقال: «اللهم أقبل بقلوبهم، وبارك لنا في صاعنا ومدنا» صحيح: أخرجه الترمذي (4210). وقال الألباني في تخريج أحاديث المشكاة (6263): حسن صحيح، وانظر: صحيح الترمذي (3086).

*
أبشروا يا أهل اليمن:

عن عمران بن حصين قال: «إني عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه قوم من بني تميم فقال: اقبلوا البشرى يا بني تميم. قالوا: بشرتنا فأعطنا، فدخل ناس من أهل اليمن فقال: اقبلوا البشرى يا أهل اليمن، إذ لم يقبلها بنو تميم. قالوا: قبلنا جئناك لنتفقه في الدين ولنسألك عن أول هذا الأمر ما كان؟ قال: كان الله ولم يكن شيء قبله، وكان عرشه على الماء، ثم خلق السموات والأرض، وكتب في الذكر كل شيء، ثم أتاني رجل فقال: يا عمران، أدرك ناقتك فقد ذهبت فانطلقت أطلبها، فإذا السراب ينقطع دونها، وايم الله لوددت أنها قد ذهبت ولم أقم» رواه البخاري (7418).

ففي هذا الحديث يتجلى فضل أهل اليمن في قبولهم البشرى وحرصهم على الفقه في الدين، يتضح ذلك من قولهم بعد قبولهم البشرى: «جئناك لنتفقه في الدين»، فلم يطلبوا شيئاً من أمور الدنيا، ولم يطلبوا العطاء، إنما طلبوا منه الفقه والعلم، فأي فضل أعظم من الفقه في الدين، وأي فضل ناله أهل اليمن.
* اللهم بارك لنا في يمننا:

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا، قالوا: ونجدنا، قال: اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا، قالوا: يا رسول الله! وفي نجدنا، فأظنه قال في الثالثة: هناك الزلازل والفتن وبها يطلع قرن الشيطان» رواه البخاري (1037).

وفي الحديث إثبات فضل اليمن، فهي مباركة بدعاء الرسول صلى الله عليه وسلم، وكذلك الشام.

*
جيش الإسلام:

عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول بالله صلى الله عليه وسلم: «إن الله استقبل بي الشام، وولي ظهري اليمن، وقال لي: يا محمد، إني جعلت لك ما تجاهك غنيمة ورزقاً وما خلف ظهرك مدداً» صحيح: أخرجه الطبراني في الكبير (7642)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (1716).
وهذا الحديث علم من أعلام النبوة، فقد انطلق أهل اليمن لفتح الفتوح، وكان منهم القادة في كثير من المعارك التي خاضها المسلمون ضد أعدائهم من الكفار، ووطئت أقدامهم فارس والروم، ووصلوا المغرب الأقصى، وبلاد السند، وجنوب فرنسا، ومن له أدنى إلمام بالتاريخ يعرف ما لأهل اليمن من ماضٍ عريق في الدفاع عن الإسلام والمسلمين.

يمانيــون غـير أنا حفـاة قد روينا الأمجاد جيلاً فجيلا قد وطئنا تيجان كسرى وقيصر جدنا صاحب الحضارات حمير
* أهل اليمن خيار من في الأرض:

عن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: «كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بطريق بين مكة والمدينة، فقال: يوشك أن يطلع عليكم أهل اليمن، كأنهم السحاب، هم خيار من في الأرض، فقال رجل من الأنصار: ولا نحن يا رسول الله؟ فسكت. قال: ولا نحن يا رسول الله؟ فسكت. قال: ولا نحن يا رسول الله؟ فقال في الثالثة كلمة ضعيفة: إلا أنتم» حسن: أخرجه البخاري في التاريخ (2/ 272)، والبزار (3428)، وابن أبي شيبة (12/ 183)، وأحمد في المسند (16724)، وأبو يعلى (7401)، والطبراني (1549)، والبيهقي في دلائل 
النبوة (5/ 353)، وصححه الألباني في الصحيحة (3437).

*
تحقرون أعمالكم مع أعمالهم:

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنه سيأتي قوم تحقرون أعمالكم إلى أعمالهم، قلنا: يا رسول الله، أقريش؟ قال: لا، ولكن أهل اليمن» صحيح: أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (4/ 216).
* أهل اليمن أرق أفئدة:

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أهل اليمن أرق أفئدة وألين قلوباً» صحيح: أخرجه أحمد في المسند (4/232)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (4/257).

*
تنفيس كرب المسلمين إنما يكون بأهل اليمن:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا إن الإيمان يمان، والحكمة يمانية، وأجد نفس ربكم من قبل اليمن» صحيح: أخرجه الإمام أحمد (2/541) (10978)، والطبراني في مسند الشاميين (1083).
ففي هذا الحديث شرف عظيم لأهل اليمن، وأي شرف وهو علم من أعلام النبوة، فأهل اليمن هم من هبوا من البراري والقفار والجبال، وركبوا المهالك والأخطار، وأنزلوا بأسهم بالكفار، وفتحوا الأمصار، فبهم نفس الله عن المؤمنين الكربات.

والحديث ليس من أحاديث الصفات؛ فيمر على ظاهره، والنفس فيه اسم مصدر نفس ينفس تنفيساً، مثل: فرج يفرج تفريجاً وفرجاً، وهكذا قال أهل اللغة كما في (النهاية)، و(القاموس)، و(مقاييس اللغة).

*
حسبكم أهل اليمن وليكم الله ورسوله:

عن فيروز الديلمي رضي الله عنه قال: «إنهم أسلموا فيمن أسلم، فبعثوا وفدهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله، نحن من قد عرفت، وجئنا من حيث قد علمت، وأسلمنا فمن ولينا؟ قال: الله ورسوله. قالوا: حسبنا رضينا» صحيح: رواه الإمام أحمد (18200)، وأخرجه أبو يعلى (12/203).
*
أهل اليمن أهل شريعة وأمانة وقضاء:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الملك في قريش، والقضاء في الأنصار، والأذان في الحبشة، والشرعة في اليمن، والأمانة في الأزد» صحيح: أخرجه أحمد (8761)، وأخرجه الترمذي (3936)، دون قوله: "والشرعة في اليمن" وصححه الألباني في الصحيحة (1084).
*
الحكمة يمانية:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الفخر والخيلاء في الفدادين أهل الوبر، والسكينة في أهل الغنم، والإيمان يمان، والحكمة يمانية» رواه البخاري (3499).
*
إنهم مني وأنا منهم:

عن عتبة بن عبد رضي الله عنه: «أن رجلاً قال: يا رسول الله! العن أهل اليمن، فإنهم شديد بأسهم، كثير عددهم، حصينة حصونهم. فقال: لا، ثم لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الأعجميين، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا مروا بكم يسوقون نساءهم، يحملون أبناءهم على عواتقهم، فإنهم مني وأنا منهم» حسن: أخرجه أحمد في المسند (17647)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2280)، والطبراني في الكبير(17/304).
*
الإيمان هاهنا:

عن أبي مسعود رضي الله عنه قال: «أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده نحو اليمن فقال: الإيمان يمان هاهنا، ألا إن القسوة وغلظ القلوب في الفدادين عند أصول أذناب الإبل حيث يطلع قرنا الشيطان في ربيعة ومضر» رواه البخاري (3302).

قال ابن حجر رحمه الله: " قوله: أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده نحو اليمن فقال: «الإيمان»: فيه تعقيب على من زعم أن المراد بقوله: «يمان»: الأنصار، لكون أصلهم من أهل اليمن؛ لأن في إشارته إلى جهة اليمن ما يدل على أن المراد به: أهلها حينئذ لا الذين كان أصلهم منها، وسبب الثناء على أهل اليمن: إسراعهم إلى الإيمان وقبولهم، وقد تقدم قبولهم البشرى حين لم تقبلها بنو تميم" فتح الباري (6/508).

*
خير الرجال رجال أهل اليمن:

عن عمرو بن عبسة السلمي رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض يوماً خيلاً، وعنده عيينة بن حصن بن بدر الفزاري، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا أفرس بالخيل منك. فقال عيينة: وأنا أفرس بالرجال منك، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: وكيف ذاك؟ قال: خير الرجال رجال يحملون سيوفهم على عواتقهم، جاعلين رماحهم على مناسج خيولهم، لا بسو البرود من أهل نجد. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كذبت، بل خير الرجال رجال أهل اليمن، والإيمان يمان إلى لخم وجذام وعاملة، ومأكلول حمير خير من آكلها، وحضرموت خير من بني الحارث، وقبيلة خير من قبيلة، وقبيلة شر من قبيلة، والله ما أبالي أن يهلك الحارثان كلاهما، لعن الله الملوك الأربعة حمداً، ومجوساً، ومشرحاً، وأبضعة، وأختهم العمردة.ثم قال: أمرني ربي عز وجل أن ألعن قريشاً مرتين، فلعنتهم، وأمرني أن أصلي عليهم مرتين، ثم قال: عصية عصت الله ورسوله غير قيس وجعدة وعصية، ثم قال: لأسلم وغفار ومزينة وأخلاطهم من جهينة خ ير من بني أسد وتميم وغطفان وهوازن عند الله عز وجل يوم القيامة، ثم قال: شر قبيلتين في العرب نجران وبنو تغلب، وأكثر القبائل في الجنة مذحج ومأكول» صحيح: أخرجه الإمام أحمد (1945، 1946)، واللفظ له، وأخرجه الطبراني في مسند الشاميين (969)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2269)، والحاكم (4/81)، والبخاري في التاريخ (4/248)، وأورده الهيثمي في المجمع (10/43)، وصححه الألباني في الصحيحة (2606) و (3127) وصححه شعيب الأرناؤوط.

*
أهل اليمن أهل سمع وطاعة:

عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أهل اليمن أرق قلوباً وألين أفئدة، وأنجع طاعة» حديثحسن: رواه أحمد (4/154)، وقال الألباني في الصحيحة (1775): حسن.

فقد وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم أنهم أنجع طاعة؛ أي: أنهم أسمع وأطوع للحق ينقادون له بسهولة ويسر بخلاف غيرهم.

قال الإمام أيوب بن القرية رحمه الله وقد سئل عن أهل اليمن: "هم أهل سمع وطاعة ولزوم الجماعة".

*
أهل اليمن أول من جاء بالمصافحة:

عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قد أقبل أهل اليمن، وهم أرق قلوباً منكم» صحيح: أخرجه أحمد في مسنده (13212)، وأخرجه البخاري في الأدب المفرد (967)، وأبو داود (5213)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (4344)، وقال شعيب الأرناؤوط في حاشية المسند (20/433): إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حماد -وهو ابن سلمة- فمن رجال مسلم.

قال أنس: وهم أول من جاء بالمصافحة.

*
أهل اليمن أشبه الناس برسول الله وأصحابه إذا قدموا الحج:

عن إسحاق بن سعيد، عن أبيه، قال: «صدرت مع ابن عمر يوم الصدر، فمرت بنا رفقة يمانية، ورحالهم الأدم، وخطم إبلهم الجرر، فقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: من أحب أن ينظر إلى أشبه رفقة برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه إذ قدموا في حجة الوداع، فلينظر إلى هذه الرفقة» صحيح: أخرجه الإمام أحمد في مسنده (6016)، وقال الألباني في صحيح أبي داود (4144): صحيح الإسناد.

وفي موضوع آخر ، نار المحشر من قعر عدن :

في صحيح مسلم عن حذيفة بن أسيد الغفاري رضي الله عنه قال: اطلع النبي علينا ونحن نتذاكر فقال: ما تذاكرون؟ قالوا: نذكر الساعة. قال: إنها لن تقوم حتى ترون قبلها عشر آيات، فذكر الدخان والدجال والدابة وطلوع الشمس من مغربها ونزول عيسى ابن مريم ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم.

وفي رواية عند مسلم:...نار تخرج من قعر عدن ترحل الناس.

وعند أبي داود: وآخر ذلك نار تخرج من اليمن من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر.

روى البخاري ومسلم:

من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: عبث رسول الله يوماً في منامه فقالت عائشة: يا رسول الله رأيتك قد فعلت شيئاً لم تكن تفعله فقال النبي عليه الصلاة والسلام: "العجب أن ناساً من أمتي يؤمّون البيت الحرام لرجلٍ من قريش لجأ بالبيت الحرام فإذا كانوا ببيداء من الأرض خُسِفَ بهم ( أي إذا خرج هؤلاء القوم لهذا الرجل الذي اعتصم ببيت الله الحرام يخسف الله الأرض بهذا الجيش ،وهذا أمر قدريّ لا دخل للبشر فيه) قالت عائشة: قلت يا رسول الله فإن الطريق يجمع الناس( يعني ما ذنب كثيرٍ من الناس ممن يمشون في الطريق ممن لم يخرجوا لقتال العائذ بالبيت الحرام في هذا الجيش) ؟ فقال النبي: نعم فيهم المستبصر والمجبور وابن السبيل يهلكون جميعاً مهلكاً واحداً ويصدرون مصادر شتى يبعثهم الله على نياتهم" (يبعث الله كل واحد منهم على نيته التي خرج بها ومات عليها نبدأ بنار المحشر والتي تخرج من قعر عدن ولماذا قعر عدن ،وليست عدن؟؟ نار المحشر من قعر عدن:

لم يكن أحد يعرف في الماضي أن مدينة عدن فوق فوهة بركان حتى جاء الإنجليز واستعمروا عدن ومع بداية عصر الطيران ورصد المدن من ارتفاعات عالية عندئذ ظهرت مدينة عدن كمدينة مقعرة السطح وفوهة عظيمة لبركان عظيم هائل خامد كما قال رسول الله في الحديث السابق فسموها الإنجليز مدينة فوهة البركان ( kraytar ) كريتر وكان هذا الاسم المتداول