التعريف :
الاستشراق تعبير
يدل على الاتجاه نحو الشرق ، ويطلق على كل ما
يبحث في أمور الشرقيين وثقافتهم وتاريخهم .
ويقصد به ذلك التيار الفكري الذي يتمثل في
إجراء الدراسات المختلفة عن الشرق الإسلامي ،
والتي تشمل حضارته وأديانه وآدابه ولغاته
وثقافته . ولقد أسهم هذا التيار في صياغة
التصورات الغربية عن الشرق عامة وعن العالم
الإسلامي بصورة خاصة ، معبرا عن الخلفية
الفكرية للصراع الحضاري بينهما .
التأسيس وأبرز الشخصيات :
-
البدايات
:
-
من
الصعب تحديد بداية للاستشراق ، إذ أن بعض
المؤرخين يعودون به إلى أيام الدولة
الإسلامية في الأندلس ، في حين يعود به آخرون
إلى أيام الصليبيين ، بينما يرجعه كثيرون إلى
أيام الدولة الأموية في القرن الثاني الهجري .
وأنه نشط في الشام بواسطة الراهب يوحنا
الدمشقي في كتابين الأول : حياة محمد . والثاني
: حوار بين مسيحي ومسلم . وكان هدفه إرشاد
النصارى في جدل المسلمين . وأيا كان الأمر فإن
حركة الاستشراق قد انطلقت بباعث ديني يستهدف
خدمة الاستعمار وتسهيل عمله ونشر المسيحية .
-
وقد
بدأ الاستشراق اللاهوتي بشكل رسمي حين صدور
قرار مجمع فيينا الكنسي عام 1312م وذلك بإنشاء
عدد من كراسي اللغة العربية في عدد من
الجامعات الأوروبية .
-
لم
يظهر مفهوم الاستشراق في أوروبا إلا مع نهاية
القرن الثامن عشر ، فقد ظهر أولا في إنجلترا
عام 1779م ، وفي فرنسا عام 1799م كما ادرج في قاموس
الأكاديمية الفرنسية عام 1838م .
-
هربر
دي أورلياك (938-1003م) من الرهبانية البندكتية ،
قصد الأندلس ، وقرأ على أساتذتها ثم انتخب –
بعد عودته – حبرا أعظم باسم سلفستر الثاني
999-1003م فكان بذلك أول بابا فرنسي .
-
في
عام 1130م قام رئيس أساقفة طليطلة بترجمة بعض
الكتب العلمية العربية .
-
جيرار
دي كريمونا 1114-1187م إيطالي ، قصد طليطلة وترجم
ما لا يقل عن 87 مصنفا في الفلسفة والطب والفلك
وضرب الرمل .
-
بطرس
المكرم 1094-1156م فرنسي من الرهبانية البندكتية
، رئيس دير كلوني ، قام بتششكيل جماعة من
المترجمين للحصول على معرفة موضوعية عن
الإسلام . وقد كان هو ذاته وراء أول ترجمة
لمعاني القرآن الكريم إلى اللغة اللاتينية 1143م
التي قام بها الإنجليزي روبرت أوف كيتون .
-
يوحنا
الإشبيلي : يهودي متنصر ظهر في منتصف القرن
الثاني عشر وعني بعلم التنجيم ، نقل إلى
العربية أربعة كتب لأبي معشر البخلي 1133م وقد
كان ذلك بمعاونة إدلر أوف باث .
-
روجر
بيكون 1214-1294م إنجليزي ، تلقى علومه في أكسفورد
وباريس حيث نال الدكتوراه في اللاهوت ، ترجم
عن العربية كتاب مرآة الكيمياء نورمبرج 1521م .
-
رايموند
لول 1235-1314م قضى تسع سنوات 1266-1275م في تعلم
العربية ودراسة القرآن وقصد بابا روما وطالبه
بإنشاء جامعات تدرس العربية لتخريج مستشرقين
قادرين على محاربة الإسلام . ووافقه البابا .
وفي مؤتمر فينا سنة 1312م تم إنشاء كراس للغة
العربية في خمس جامعات أوربية هي : باريس ،
اكسفورد ، ويولونيا بإيطاليا ، وسلمنكا
بأسبانيا ، بالإضافة إلى جامعة البابوية في
روما .
-
قام
المستشرقون بدراسات متعددة عن الإسلام
واللغة العربية والمجتمعات المسلمة . ووظفوا
خلفياتهم الثقافية وتدريبهم البحثي لدراسة
الحضارة الإسلامية والتعرف على خباياها
لتحقيق أغراض الغرب الاستعمارية والتنصيرية .
-
وقد
اهتم عدد من المستشرقين اهتماما حقيقيا
بالحضارة الإسلامية وحاول أن يتعامل معها
بموضوعية . وقد نجح عدد قليل منهم في هذا
المجال . ولكن حتى هؤلاء الذين حاولوا أن
ينصفوا الإسلام وكتابه ورسوله صلى الله عليه
وسلم لم يستطيعوا أن ينفكوا من تأثير
ثقافاتهم وعقائدهم فصدر منهم ما لا يقبله
المسلم . وهذا يعني أن أي تصنيف للمستشرقين
إلى منصفين ومتعصبين هو أمر تختلف حوله
الآراء . فقد يصدر ممن عرف عن الاعتدال قولا أو
رأيا مرفوضا ، وقد يحصل العكس فتكون بعض آراء
المتعصبين إنصافا جميلا للإسلام ، ولهذا
نتوقع أن تكون بعض الأسماء التي شملها
تصنيفنا الآتي محل نظر .
·
مستشرقون منصفون :
-
هادريان
ريلاند ت1718م أستاذ اللغات الشرقية في جامعة
أوترشت بهولندا ، له كتاب الديانة المحمدية
في جزأين باللغة اللاتينية 1705م ، لكن الكنيسة
في أوروبا وضعت كتابه في قائمة الكتب المحرم
تداولها .
-
يوهان
ج. رايسكه 1716-1774م هو مستشرق ألماني جدير
بالذكر ، اتهم بالزندقة لموقفه الإيجابي من
الإسلام ، عاش بائسا ومات مسلولا ، وإليه يرجع
الفضل في إيجاد مكان بارز للدراسات العربية
بألمانيا .
-
سلفستر
دي ساسي : 1838م اهتم بالأدب والنحو مبتعدا عن
الخوض في الدراسات الإسلامية ، وإليه يرجع
الفضل في جعل باريس مركزا للدراسات العربية ،
وكان ممن اتصل به رفاعة الطهطاوي .
-
توماس
أرنولد 1864-1930م إنجليزي ، له الدعوة إلى
الإسلام الذي نقل إلى التركية والأردية
والعربية .
-
غوستاف
لوبون : مستشرق وفيلسوف مادي ، لا يؤمن
بالأديان مطلقا ، جاءت أبحاثه وكتبه الكثيرة
متسمة بإنصاف الحضارة الإسلامية مما دفع
الغربيين إلى إهماله وعدم تقديره .
-
زيجريد
هونكه : اتسمت كتابتها بالإنصاف وذلك
بإبرازها تأثير الحضارة العربية على الغرب في
مؤلفها الشهير شمس العرب تسطع على الغرب .
-
ومن
المعتدلين : جاك بيرك، أنا ماري شمل، وكارلايل
، ورينيه جينو ، والدتور جرينيه وجوته
الألماني .
-
أ.ج.
أربري ، من كتبه الإسلام اليوم صدر 1943م ، وله
التصوف صدر 1950م ، وترجمة معاني القرآن الكريم
.
·
مستشرقون متعصبون :
-
جولد
زيهر 1850-1920م مجري يهودي ، من كتبه تاريخ مذاهب
التفسير الإسلامي ، والعقيدة والشريعة ، ولقد
أصبح زعيم الإسلاميات في أوروبا بلا منازع .
-
جون
ماينارد أمريكي ، متعصب ، من محرري مجلة
الدراسات الإسلامية .
-
ص
م. زويمر مستشرق مبشر ، مؤسس مجلة العالم
الإسلامي الأمريكية ، له كتاب الإسلام تحد
لعقيدة صدر 1908م ، وله كتاب الإسلام عبارة عن
مجموعة مقالات قدمت للمؤتمر التبشيري الثاني
سنة 1911م في لكهنئو بالهند .
-
غ.
فون. غرونباوم ألماني يهودي ، درس في جامعات
أمريكا ، له كتاب الأعياد المحمدية 1915م
ودراسات في تاريخ الثقافة الإسلامية 1954م .
-
أ.ج.
فينسينك عدو للإسلام ، له كتاب عقيدة الإسلام
1932م ، وهو ناشر المعجم المفهرس لألفاظ الحديث
النبوي في لغته الأولى .
-
كينيث
كراج أمريكي ، متعصب ، له كتاب دعوة المئذنة
1956م .
-
لوي
ماسينيون فرنسي ، مبشر ، مستشاراً في وزارة
المستعمرات الفرنسية لشؤون شمال أفريقيا ، له
كتاب الحلاج الصوفي شهيد الإسلام 1922م .
-
د.ب.
ماكدونالد أمريكي ، متعصب مبشر ، له كتاب تطور
علم الكلام والفقه والنظرية الدستورية 1930م ،
وله الموقف الديني والحياة في الإسلام 1908م .
-
مايلز
جرين سكرتير تحرير مجلة الشرق الأوسط .
-
د.س.
مرجليوث 1885-1940م إنجليزي ، متعصب ، من مدرسته
طه حسين وأحمد أمين ، وله كتاب التطورات
المبكرة في الإسلام صدر 1913م ، وله محمد ومطلع
الإسلام صدر 1905م وله الجامعة الإسلامية صدر
1912م .
-
بارون
كارادي فو فرنسي ، متعصب ، من كبار محرري
دائرة المعارف الإسلامية .
-
هـ.
أ. ر. جب 1895-1965م إنجليزي ، من كتبه المذهب
المحمدي 1947م والاتجاهات الحديثة في الإسلام
1947م .
-
ر.أ.
نيكولسون إنجليزي ، ينكر أن يكون الإسلام
دينا روحيا وينعته بالمادية وعدم السمو
الإنساني ، وله كتاب متصوفوا الإسلام 1910م وله
التاريخ الأدبي للعرب 1930م .
-
هنري
لامنس اليسوعي 1872-1937فرنسي ، متعصب ، له كتاب
الإسلام وله كتاب الطائف ، من محرري دائرة
المعارف الإسلامية .
-
دوزيف
شاخت ألماني متعصب ضد الإسلام ، له كتاب أصول
الفقه الإسلامي .
-
بلاشير
: كان يعمل في وزارة الخارجية الفرنسية كخبير
في شؤون العرب والمسلمين .
-
ألفردجيوم
إنجليزي ، متعصب ضد الإسلام من كتبه الإسلام .
-
الأفكار والمعتقدات :
·
أهداف
الاستشراق
-
الهدف الديني :
كان
هذا الهدف وراء نشأة الاستشراق ، وقد صاحبه
خلال مراحله الطويلة ، وهو يتمثل في :
1)
التشكيك
في صحة رسالة النبي صلى الله عليه وسلم ،
والزعم بأن الحديث النبوي إنما هو من عمل
المسلمين خلال القرون الثلاثة الأولى ،
والهدف الخبيث من وراء ذلك هو محاربة السنة
بهدف إسقاطها حتى يفقد المسلمون الصورة
التطبيقية الحقيقية لأحكام الإسلام ولحياة
الرسول صلى الله عليه وسلم ، وبذلك يفقد
الإسلام أكبر عناصر قوته .
2)
التشكيك
في صحة القرآن والطعن فيه ، حتى ينصرف
المسلمون عن الاتقاء على هدف واحد يجمعهم
ويكون مصدر قوته وتنأى بهم اللهجات القومية
عن الوحي باعتباره المصدر الأساسي لهذا الدين
(تنـزيل من حكيم حميد) .
3)
التقليل
من قيمة الفقه الإسلامي واعتباره مستمدا من
الفقه الروماني .
4)
النيل
من اللغة العربية واستبعاد قدرتها على مسايرة
ركب التطور وتكريس دراسة اللهجات لتحل محل
العربية الفصحى .
5)
إرجاع
الإسلام إلى مصادر يهودية ونصرانية بدلا من
إرجاع التشابه بين الإسلام وهاتين الديانتين
إلى وحدة المصدر .
6)
العمل
على تنصير المسلمين .
7)
الاعتماد
على الأحاديث الضعيفة والأخبار الموضوعة في
سبيل تدعيم آرائهم وبناء نظرياتهم .
8)
لقد
كان الهدف الاستراتيجي الديني من حملة
التشويه ضد الإسلام هو حماية أوروبا من قبول
الإسلام بعد أن عجزت عن القضاء عليه من خلال
الحروب الصليبية .
-
الهدف التجاري :
لقد
كانت المؤسسات والشركات الكبرى ، والملوك
كذلك ، يدفعون المال الوفير للباحثين ، من أجل
معرفة البلاد الإسلامية وكتابة تقارير عنها ،
وقد كان ذلك جليا في عصر ما قبل الاستعمار
الغربي للعالم الإسلامي في القرنين التاسع
والعشرين .
-
الهدف السياسي يهدف إلى :
1)
إضعاف
روح الإخاء بين المسلمين والعمل على فرقتهم
لإحكام السيطرة عليهم .
2)
العناية
باللهجات العامية ودراسة العادات السائدة
لتمزيق وحدة المجتمعات المسلمة .
3)
كانوا
يوجهون موظفيهم في هذه المستعمرات إلى تعلم
لغات تلك البلاد ودراسة آدابها ودينها
ليعرفوا كيف يسوسونها ويحكمونها .
4)
في
كثير من الأحيان كان المستشرقون ملحقين
بأجهزة الاستخبارات لسبر غور حالة المسلمين
وتقديم النصائح لما ينبغي أن يفعلوه لمقاومة
حركات البعث الإسلامي .
-
الهدف العلمي الخالص :
بعضهم
اتجه إلى البحث والتمحيص لمعرفة الحقيقة
خالصة ، وقد وصل بعض هؤلاء إلى الإسلام ودخل
فيه ، نذكر منهم :
1)
توماس
أرنولد الذي أنصف المسلمين في كتابه الدعوة
إلى الإسلام .
2)
المستشرق
الفرنسي رينيه فقد أسلم وعاش في الجزائر وله
كتاب أشعة خاصة بنور الإسلام مات في فرنسا
لكنه دفن في الجزائر .
·
أهم المؤلفات :
-
تاريخ
الأدب العربي : كارل بروكلمان ت1956م .
-
دائرة
المعارف الإسلامية : ظهرت الطبعة الأولى
بالإنجليزية والفرنسية والألمانية وقد صدرت
في الفترة 1913-1938م ، غير أن الطبعة الجديدة قد
ظهرت بالإنجليزية والفرنسية فقط من عام 1945-م
وحتى عام 1977م .
-
المعجم
المفهرس لألفاظ الحديث الشريف والذي يشمل
الكتب الستة المشهورة بالإضافة إلى مسند
الدارمي وموطأ مالك ومسند أحمد بن حنبل وقد
وضع في سبعة مجلدات نشرت ابتداء من عام 1936م .
-
لقد
بلغ ما ألفوه عن الشرق في قرن ونصف قرن ( منذ
أوائل القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن
العشرين ) ستين ألف كتاب .
·
المؤتمرات والجمعيات :
-
عقد
أول مؤتمر دولي للمستشرقين في باريس سنة 1873م .
-
تتابعت
المؤتمرات بعد ذلك حتى بلغت أكثر من ثلاثين
مؤتمرا دوليا ، فضلا عن الندوات واللقاءات
الإقليمية الكثيرة الخاصة بكل دولة من الدول
كمؤتمر المستشرقين الألمان الذي عقد في مدينة
درسدن بألمانيا عام 1849م ، وما تزال تنعقد مثل
هذه المؤتمرات باستمرار حتى الآن .
-
يحضر
هذه المؤتمرات مئات من العلماء المستشرقين ،
حيث حضر مؤتمر أكسفورد تسعمائة (900) عالم من
خمس وعشرين دولة وثمانين جامعة وتسع وستين
جمعية علمية .
-
هناك
العديد من الجمعيات الاستشراقية كالجمعية
الآسيوية في باريس تأسست عام 1822م ، والجمعية
الملكية الآسيوية في بريطانيا وإيرلندا عام
1823م ، والجمعية الشرقية الأمريكية عام 1842م
والجمعية الشرقية الألمانية عام 1845م .
·
المجلات الاستشراقية :
للمستشرقين
اليوم من المجلات والدوريات عد هائل يزيد على
ثلاثمائة مجلة متنوعة وبمختلف اللغات نذكر
منها على سبيل المثال :
1)
مجلة
العالم الإسلامي أنشأها صمويل زويمر ت1952م في
بريطانيا سنة 1911م وقد كان زويمر هذا رئيس
المبشرين في الشرق الأوسط .
2)
مجلة
عالم الإسلام ظهرت في بطرسبرج عام 1912م لكنها
لم تعمر طويلا .
3)
مجلة
ينابيع الشرق أصدرها هامر برجشتال في فيينا
من 1809 إلى 1818م .
4)
مجلة
الإسلام ظهرت في باريس عام 1895م ثم خلفتها عام
1906م مجلة العالم الإسلامي التي صدرت عن
البعثة العلمية الفرنسية في المغرب وقد تحولت
بعد ذلك إلى مجلة الدراسات الإسلامية .
5)
في
عام 1910م ظهرت مجلة الإسلام .
·
الاستشراق في خدمة الاستعمار :
-
كارل
هنيريش بيكر ت1933م مؤسس مجلة الإسلام
الألمانية ، قام بدراسات تخدم الأهداف
الاستعمارية في أفريقيا .
-
بار
تولد لآشقفاخمي ت 1930م مؤسس مجلة عالم الإسلام
الروسية ، قام ببحوث تخدم مصالح السيادة
الروسية في آسيا الوسطى .
-
الهولندي
سنوك هرجرونجه 1857-1936م قدم إلى مكة عام 1884م تحت
اسم عبد الغفار ، ومكث مدة نصف عام ، وعاد
ليكتب تقارير تخدم الاستعمار في المشرق
الإسلامي ، وقد سبق له أن أقام في جاوه مدة
17 سنة ، وقد صدرت الصور التي أخذها لمكة
والأماكن المقدسة في كتاب بمناسبة مرور مائة
سنة على تصويرها .
-
معهد
اللغات الشرقية بباريس المؤسس عام 1885م كانت
مهمته الحصول على معلومات عن البلدان الشرقية
وبلدان الشرق الأقصى مما يكل أرضية تسهل
عملية الاستعمار في تلك المناطق .
-
وهكذا
نرى أن مثل هؤلاء المستشرقين جزء من مخطط كبير
هو المخطط الصهيوني الصليبي لمحاربة الإسلام
، ولا نستطيع أن نفهمهم على حقيقتهم إلا عندما
نراهم في إطار ذلك المخطط الذي يهدف إلى تخريج
أجيال لا تعرف الإسلام أو لا تعرف من الإسلام
إلا الشبهات ، وقد تم انتقاء أفراد من هذه
الأجيال لتتبوأ أعلى المناصب ومراكز القيادة
والتوجيه لتستمر في خدمة الاستعمار .
·
آراء استشراقية خطرة :
-
جورج
سيل زعم في مقدمة ترجمته لمعاني القرآن 1736م ،
أن القرآن إنما هو من اختراع محمد ومن تأليفه
وأن ذلك أمر لا يقبل الجدل .
-
ريتشارد
بل يزعم بأن النبي محمدا صلى الله عليه وسلم
قد استمد القرآن من مصادر يهودية ومن العهد
القديم بشكل خاص ، وكذلك من مصادر نصرانية .
-
دوزي
ت 1883م : يزعم أن القرآن الكريم ذو ذوق رديء
للغاية ولا جديد فيه إلا القليل ، كما يزعم أن
فيه إطنابا بالغا ومملا إلى حد بعيد .
-
جاء
في تقرير وزير المستعمرات البريطاني أومسبي
غو لرئيس حكومته بتاريخ 9 يناير 1938م : أن الحرب
علمتنا أن الوحدة الإسلامية هي الخطر الأعظم
الذي ينبغي على الامبراطورية أن تحذره
وتحاربه ، وليس الامبراطورية وحدها بل فرنسا
أيضا ، ولفرحتنا فقد ذهبت الخلافة وأتمنى أن
تكون إلى غير رجعة .
-
يقول
شيلدون آموس : إن الشرع المحمدي ليس إلا
القانون الروماني للامبراطورية الشرقية
معدلا وفق الأحوال السياسية في الممتلكات
العربية ، ويقول كذلك : إن القانون المحمدي
ليس سوى قانون جستنيان في لباس عربي .
-
قال
رينان الفرنسي : إن الفلسفة العربية هي
الفلسفة اليونانية مكتوبة بأحرف عربية .
-
أما
لويس ماسينيون فقد كان زعيم الحركة الرامية
إلى الكتابة في العامية وبالحرف اللاتيني .
-
مما
لا شك فيه أن للمستشرقين فضلا كبيرا في إخراج
الكثير من كتب التراث ونشرها محققة مفهرسة
مبوبة .
-
ولا
شك أن الكثير منهم يملكون منهجية علمية
تعينهم على البحث .
-
ولا
ريب في أن لدى بعضهم صبرا ودأبا وجلدا في
التحقيق والتمحيص وتتبع المسائل .
-
وما
على المسلم إلا أن يلتقط الخير من مؤلفاتهم
متنها إلى مواطن الدس والتحريف ليتجنبها أو
ليكشفها أو ليرد عليها لأن الحكمة ضالة
المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها ، خاصة
وأن الفكر الاستشراقي المعاصر قد بدأ يغير من
أساليبه وقسماته من أجل المحافظة على الصداقة
والتعاون بين العالم الغربي والعالم
الإسلامي وإقامة حوار بين المسيحية والإسلام
، ومحاولة تغيير النظرة السطحية الغربية إلى
المسلمين ، وربما كمحاولة لاستقطاب القوى
الإسلامية وتوظيفها لخدمة أهدافهم فلنكن
حذرين .
الجذور
الفكرية والعقائدية :
·
لقد
كان الاستشراق وليد الاحتكاك بين الشرق
الإسلامي والغرب النصراني أيام الصليبيين ،
وعن طريق السفارات والرحلات ويلاحظ دائما أن
هناك تقاربا وتعاونا بين الثالوث المدمر :
التنصير والاستشراق والاستعمار ،
والمستعمرون يساندون المستشرقين والمنصرين
لأنهم يستفيدون منهم كثيرا في خططهم
الاستعمارية .
·
كان
الدافع الأساسي هو الجانب اللاهوتي النصراني
بغية تحطيم الإسلام من داخله بالدس والكيد
والتشويه ، ولكن الاستشراق بعد ذلك وفي
الآونة الأخيرة بدأ يتحلل من هذا القيد نوعا
ما ليتوجه توجها أقرب إلى الروح العلمية .
الانتشار
ومواقع النفوذ :
·
الغرب
هو المسرح الذي يتحرك فوق أرضه المستشرقون ،
فمنهم الألمان ومنهم البريطانيون والفرنسيون
والهولنديون والمجريون ، وظهر بعضهم في
إيطاليا وفي إسبانيا ، وقد علا نجم الاستشراق
في أمريكا وصارت له فيها مراكز كثيرة .
·
لم
تبخل الحكومات ، ولا الهيئات ولا الشركات ولا
المؤسسات ولا الكنائس في يوم من الأيام في دعم
حركة الاستشراق ومدها بما تحتاجه من مال ،
وتأييد وإفساح الطريق أمامها في الجامعات حتى
بلغ عدد هؤلاء المستشرقين آلافا كثيرة .
·
لقد
كانت حركة الاستشراق مسخرة في خدمة الاستعمار
، وفي خدمة التنصير وأخيرا في خدمة اليهودية
والصهيونية التي يهمها إضعاف الشرق الإسلامي
وإحكام السيطرة عليه بشكل مباشر أو غير مباشر
.
·
استطاع
المستشرقون أن يتسللوا إلى المجامع العلمية
وقد عين عدد كبير منهم أعضاء في هذه المجامع
في سوريا ومصر ، كما استطاعوا أن يؤثروا على
الدراسات العربية والإسلامية في العالم
الإسلامي من خلال تلاميذهم ومؤلفاتهم .
ويتضح
مما سبق :
·
أن
الاستشراق تيار فكري يتجه صوب الشرق ، لدراسة
حضارته وأديانه وثقافته ولغته وآدابه ، من
خلال أفكار اتسم معظمها بالتعصب ، والرغبة في
خدمة الاستعمار ، وتنصير المسلمين ، وجعلهم
مسخا مشوها للثقافة الغربية ، وذلك ببث
الدونية فيهم ، وبيان أن دينهم مزيج من
اليهودية والنصرانية ، وشريعتهم هي القوانين
الرومانية مكتوبة بأحرف عربية ، والنيل من
لغتهم ، وتشويه عقيدتهم وقيمهم ، ولكن بعضهم
رأى نور الحقيقة فأسلم وخدم العقيدة
الإسلامية ، وأثر في محدثيهم ، فبدأت
كتاباتهم تجنح نحو العلمية ، وتنحو نهو العمق
بدلا من السطحية ، وربما صدر ذلك عن رغبة من
بعضهم في استقطاب القوى الإسلامية وتوظيفها
لخدمة أهدافهم الاستشراقية ، وهذا يقتضي
الحذر عند التعامل مع الفكر الاستشراقي الذي
يتدثر الآن بدثار الموضوعية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق