الأربعاء، 1 أغسطس 2012

هواية الحب وحب الهواية

هواية الحب وحب الهواية

الحب شيء جميل وضروري لكل إنسان، إذ تبدو الحياة بلا حب وكأنها صحراء بلا دليل يهدي الإنسان طريق الصواب، وبلا نبع ماء أو واحة أشجار تحميه من العطش وحرارة الشمس حين تهب العواصف الرملية وتنشر عباءتها الرمادية على وجه السماء.

الحب حتى الرمق الأخير من الحياة، هو شيء رائع حقا، إنه موقف شجاع يعكس عمق الوفاء الذي يكنه الحبيب لمن يحب ويجسد حجم العطاء الذي يتجاوز الذات إلى كل مكونات ومتع الحياة... إلا أن هذا النوع من الحب ليس إلا امتحانا محكوم عليه بالفشل. إذا نجح الحبيب بالوفاء بوعده وحقق الحب حتى الرمق الأخير بعد موت الحبيب فإنه يكون قد قضى على حياته التي لا يوجد الحب ولا يكون له معنى بدونها، أما إذا سقط الحبيب في الامتحان وقصر قبل الوصول إلى الرمق الأخير، فإن ضميره قد يعذبه ويتهمه بخيانة العهد والمعهود إليه.

الحب حتى الرمق الأخير حاكم مستبد، يظلم الحبيب الذي يرث تركة الحب، تلك التركة المثقلة بذكريات جميلة ومؤلمة، تُبكي العين فرحا وتدمي القلب حزنا.

لكن حب الإنسان لهواية خلاقة كالقراءة أو الكتابة أو السباحة، أو السفر والتجوال في عالم الطبيعة والعناية بالبيئة، أو دراسة حياة الطيور وتتبع هجراتها، هي رفيق سفر وأنيس ليل وصديق عمر لا يخون أبدا. إنها الرفيق والصديق والأنيس الذي يعطيك كل ما تتمنى وتهوى بفرح دون مقابل، تعاشره كلما اشتقت إليه بنشوة وسعادة، دون الإحساس بخوف أو قلق أو تردد قد يعود عليك بالندم أو التخوف من جرح مشاعر الآخر.
وحين يرحل الحبيب عن هوايته التي أحبها، لا تعيش من بعده حزينة مثقلة بتركة حب انتهى قبل الأوان، بل تنعيه من خلال زفافها بهدوء لهاوي آخر يحبها ويعاشرها بنشوة، ويعيش في أحضانها سعيدا حتى الرمق الأخير.

حب الإنسان للآخر هو جوهر الحياة، إذ لا يكون الإنسان إنسانا بدونه. أما حب الهواية فهو عنوان الحياة، إذ لا يكون الإنسان خلاقا أو مبدعا بدونه. إذا اجتمع للإنسان حب الآخر وحب الهواية، فإن حياته تكون كاملة، فيها ما يكفي من الإخلاص والوفاء ومن التميز والعطاء ما يجعلها سعيدة وذات معنى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق